إننا نعيش في عصر قد قلبت فيه الحقائق وتغيرت فيه الموازين ، حيث تظاهر الظالم بأنه مظلوم، وقلب الحق باطلاً، والباطل حقاً، وصار القويُّ متهماً بالضعف، والضعيف المخذول يرى نفسه قوياً ناصراً للمظلومين، كيف يمكن أن يكون ذلك؟
أيكون الظالم قاضياً عادلاً؟
أيكون الذئب راعياً أمينا ً؟
أيطالب أهل الزيغ والانحراف بحقوق المرأة ويزعمون الإنصاف ؟
مجتمع كثر فساده وانتشرت فيه الموبقات يطالب بإنصاف المرأة من عدل فاطر الأرض والسموات !
إنها والله من عجائب هذا الزمن !
إن من كفر بالله تعالى فهو ظالم ( والكافرون هم الظالمون ) ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) ( وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون ) ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً وهو يُدعى إلى الإسلام ) هذا قول الحق سبحانه وتعالى عن كل كافر بأنه ظالم، ويلحق به كل منافق اتبع الكافرين وتعلق بهم ودعا بدعواهم، واقتفى آثارهم ، واستن بسنتهم ، ( ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون) والآيات في ذلك كثيرة جداً.
نعم إن اليهود والنصارى والوثنيين والمنافقين وكل من تبعهم من أهل الأهواء والملل والمبادىء المخالفة لشرع الله ظالمون متجاوزون لحدود الله، لا يقبل قولهم، ولا يؤمن مكرهم، فكيف بمن يسعى إليهم راجياً عدلهم، ومتمنياً إنصافهم ومصدقاً دعواهم بنصرة المظلومين.
إن مطالبة الغرب بحقوق الإنسان، وبالذات في مجال المرأة لأمر تمقته العقول السليمة، وتنكره الفطر السوية، كيف لا وهم الذين سلبوا المرأة حقوقها ودعوا إلى تحللها وبعدها عن حيائها وعفتها فنزلوا بها إلى دركات البهيمية، حتى أصبحت سلعة تعرض لجلب السياح ولرفع الاقتصاد، بل جعلوها دعاية مربحة لبضائعهم الكاسدة، أخرجوها من عرشها وعرينها وبيت عزتها إلى امتهان الرجال لها فجعلوها خادمةً في المطاعم والطائرات تحمل طعامهم وتزيل قذارتهم، جعلوها عاملة نظافة في الفنادق والمستشفيات، جعلوها تتخلى عن وظيفتها ودورها العظيِم من حمل وإنجاب ورضاع وتربية، واشغلوها بالملذات والشهوات حتى أصبحت أسيرةً في قيود.
إن تخلي المرأة عن دورها الأساس في المجتمع ظهر له آثار عظيمة لديهم، حيث فقد الابن عطف أمه، فأصيب كثير منهم بالأمراض النفسية، وأرقام أعداد المنتحرين لديهم شاهد على ذلك وهي في ازدياد، ونتج عن ذلك تفكك الأسرة، لا الأب يعطف على زوجته وأبنائه ولا الأم تجد وقتاً لأسرتها فالكل مشغول بعمله وجمع ماله، وبأصدقائه، فأي حياة يعيشون، وأي سعادة سيجدون.
إننا نحن أهل الإسلام يجب علينا أن ننقذ البشرية جمعاء من الشرك بالله أولاً ثم من جميع المعاصي التي لا ترضي الله وعلى رأسها ما وصلت إليه البشرية من انحطاط خلقي في جانب الأسرة والمرأة . لذا يجب علينا أن نبدأ بإصلاح أنفسنا ومجتمعاتنا بالعلم والعمل والدعوة الصادقة ، فإن الله تعالى أوجب على هذه الأمة اقتفاء سبيل المرسلين [ قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني من المؤمنين ]